أخبار وطنية بعد زوبعة «عشيقات بن علي»: أعراض الناس خطّ أحمر..
الثابت أن كل مشاهير السياسة والفن والرياضة مهدّدون بتأثير مراحل من حياتهم الخاصة على مسيرتهم بشكل قد يؤدي الى تكبيلها أو حتى تحطيمها.. حيث توجد مجلات اختصّت في نشر صور فنانات وفنانين شبه عراة للإساءة اليهم وهنالك أيضا فايسبوك وتويتر وقراصنة يريدون الحاق الضرر ببعض الشخصيات السياسية فيخترقون بعض الحسابات الخاصة لنشر بعض الصور الاباحية التي عادة ما تكون مفبركة وذلك للإساءة لبعض الشخصيات والأفراد...
أما على الصعيد السياسي فالأمر خطير جدا وينبغي أن نذّكر بقضية بيل كلينتون الرئيس الأمريكي الذي لحقته أضرار كبيرة بعد أن وقع نشر تفاصيل علاقته الجنسية مع عشيقته مونيكا لوينسكي. أو قضية «دومينك ستراوس كان» الذي كان مرشحا بارزا لمنصب رئيس الجمهورية في فرنسا لكن الاستعلامات التي كان يتحكم فيها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اهتمت بحياة "ستراس كان" الخاصة وبعلاقته الجنسية فتسببت في مقاضاته بتهمة المشاركة في شبكة دعارة علما وأنه سبق أن وقع إيقافه في نزل أمريكي بعد أن اشتكت به خادمة بتهمة محاولة الاغتصاب.
أما في تونس فقد تفاقمت الأمور وأصبحت في منتهى الخطورة خاصة خلال الحكم البائد.. فنشرت العشرات من التهم على الصحف الصفراء ومعظمها كاذبة ضد وزير أول رحمه الله وضدّ أبرز المعارضين بتهمة الزنا وحتى اللواط في حين أن مسجونا سياسيا اتهم بمعاشرة مراهق في السجن وقد وزّع البوليس شريط فيديو لتحطيم هذا الانسان كما أن النظام أرسل امرأة لمعارض كبير حتى يتمكن من تصوير شريط جنسي وتحطيمه، وحتى النقابيون لم ينجوا من هذه الممارسات الدنيئة حيث وقع إيقاف مسؤول نقابي بتهمة الزنا بعد أن أعلم البوليس زوج المرأة بالخيانة.. كل هذه الأساليب الدنيئة تبرهن أن هناك أنظمة ومجموعات إرهابية على الفايس بوك ومنافسين مهنيين أو جرائد تجارية رديئة لا أخلاق لهم .
نموذج تونسي سيّء
وتواصلا لمسلسل هتك الأعراض بحثا عن اثارة ضجة اعلامية مجانية، نشير الى موضوع حضور أحد أفراد عائلة الطرابلسية ونعني بذلك سيف في برنامج «لمن يجرؤ فقط» والذي أثار ردود أفعال عديدة من قبل المشاهدين وخصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي نظرا لطبيعة الضيف ولما جاء على لسانه من معطيات قال إنها حقائق سعى الى كشفها للرأي العام وطلب بعدها الصفح من الشعب التونسي على ما اقترفته عائلته في حق البلاد والعباد.
ولئن تمكن سمير الوافي من تحقيق نسبة مشاهدة عالية جدا في برنامجه فان العديد من المآخذات تفرض نفسها عند الحديث عن الحصة الحدث لعل أهمها وأبرزها التجاء سيف الطرابلسي الى تشويه الناس وهتك أعراضهم لتلميع صورته وإبراز نقاوته حتى وإن أدى ذلك الى مزيد اغراق أفراد أسرته وفضح أعمالهم وتصرفاتهم وتجاوزاتهم المالية والأخلاقية.
ولعل ما يثير الاستغراب حديثه المستفز عن «عشيقات» الرئيس السابق وتوجيهه أصابع الإتهام بالإيحاء والتلميح لمجموعة من الإعلاميات والفنانات، وهو ما فتح باب التأويلات والإتهامات وردود الفعل وأدى الى زعزعة استقرار عائلات والمسّ من شرف هؤلاء اللواتي وقع تداول أسمائهن على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي إطار التفاعل ودرءا للتهم الموجهة اليهن بالإشارات أو بالتلميح التجأت الاعلامية عفاف الغربي على سبيل المثال إلى الفايس بوك للدفاع عن نفسها بالطريقة التي رأتها مناسبة حيث أكدت، أنها ليست المعنية بتصريحات سيف الطرابلسي وأنه لم يقصدها لا من بعيد ولا من قريب.
في حين استغربت الاعلامية بقناة العربية ريم بوقمرة من كمية الرسائل التي وصلتها عندما كانت على المباشر وأشارت قائلة: «للتنويه وللمرة الف للي قاعدين يبعثولي في رسائل والله أعلم على اشنوة يتفرجو، على خاطرني توة موجودة في الخدمة» ونشرت صورا وهي على المباشر وأضافت: «راني موش الوحيدة التي خدمت الماتينال على قناة حنبعل». ونشرت أمثلة بعد ذلك عن الغباء وعن كل من يصدق مثل تلك السخافات..
الأعراف والأخلاق...
أما الأخريات اللاتي لحقتهن الاتهامات فقد رفضن التعليق حول هذا الموضوع، ولكن في كل الأحوال ومهما يكن من أمر فإن ما حدث يعتبر جريمة في حق الناس وتشويها لأعراضهم التي تعتبر خطا أحمرا، وقد دعا الاسلام للستر وصيانة الأعراض وعدم التشهير بالناس، فمن ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته، وبالتالي فان الستر علاج إجتماعي تختفي معه الكثير من أمراض المجتمع، فالبشر خطاء بطبعه ولكن لا يمكن أن تقع محاسبته أو التشهير به دون اثباتات ومن طرف أشخاص أو أطراف همّها الوحيد تلميع صورتها على حساب شرف العباد ..
فمن يتصرف بمثل هذه الطريقة ضميره ميّت، عديم الأخلاق ولا يراعي حرمة المجتمع ولا يحترم الناس ولا حرمة الدين، فهؤلاء يتّخذون أعراض الناس وسيلة للابتزاز ولتحقيق الشهرة أو ربما لحصد المكاسب المادية أو المعنوية، لأن الشخص الذي يهتك أعراض غيره غالبا ما يكون صاحب مكانة دنيا في المجتمع فيسعى الى لفت الأنظار اليه ويعتقد أنه باشاعة الفضيحة سيرفع مكانته ويجلب اليه التقدير والاحترام وهو ما سعى اليه سيف الطرابلسي الذي تحول بقدرة قادر الى حكيم زمانه يعطي الدروس في الأخلاق والقيم والعفّة وقد كنا نتمنى أن يقول هذا الكلام سنوات الى الوراء حتى يظهر هذه الشجاعة ويبرز هذه الخصال التي أصبح يمتلكها.
لسنا مدافعين هنا عن أشخاص بعينهم ولسنا بوق دعاية لهذا أو لتلك، لكن من باب الأخلاق ومن باب احترام خصوصيات الناس وميثاق شرف المهنة نرفض مثل هذه التصريحات ومثل هذه الاتهامات التي تكرس الابتذال والرداءة في مجتمع يعيش على وقع العنف والارهاب والكذب والنفاق. وكيما قالوا ناس بكري : «وقتاش نوليو شرفة يا بابا ..قالوا : وقت يموتوا كبار الحومة .... وكبار الحومة على حد علمنا مازالوا ما ماتوش»...
سناء الماجري